الأحد، 27 يوليو 2014

& استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر الثلاثاء 7-7-2014



 استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر الثلاثاء 7-7-2014 وسقوط المئات من الأطفال والشيوخ بين شهيد وجريح، تتكشف صورة إسرائيل العنصرية والنازية، مقابل صمود أهل غزة رغم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة، وهو ما يحتم بالضرورة إلقاء الضوء على تاريخ غزة وجغرافيتها السياسية في آن.


فقد صمدت غزة أمام نوائب الدهر، وتبدل اسمها بتبدل الأمم التي صارعتها, فأطلق الفرس اسم هازاتو عليها، أما العبرانيون فأسموها غزة، والكنعانيون أسموها هزاني، أما المصريون فأسموها غازاتو, وسماها العرب غزة هاشم".
ورغم الاحتلال الإسرائيلي المديد لها (1967-2005)، بقيت غزة شامخة بشعبها وبحرها، وعلى صخرة صمود أهل غزة ستفشل إسرائيل في لي ذراع المقاومة، وستتحطم على أبوابها صورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يهزم.

الديموغرافيا والجغرافيا
من بين التجمعات السكانية الفلسطينية التي رسمت قسريا بعد نكبة عام 1948، يعد مجتمع قطاع غزة فتيا نظرا لنسبة الأطفال العالية، فمن أصل مليون وستمائة ألف فلسطيني في قطاع غزة خلال العام الحالي 2014، ثمة أكثر من 50% منهم من الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر، ومرد ذلك إلى الخصوبة العالية عند النساء الغزيات، حيث تنجب المرأة الغزية أكثر من ستة مواليد في المتوسط طيلة حياتها الإنجابية، وتبعا لذلك يعاني القطاع من أعباء الإعالة، وكلفتها العالية.

"رغم الاحتلال الإسرائيلي المديد لها (1967-2005)، بقيت غزة شامخة بشعبها وبحرها. وعلى صخرة صمود أهل غزة ستفشل إسرائيل في لي ذراع المقاومة، وستتحطم على أبوابها صورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يهزم"
وقد تفاقمت الأوضاع الديموغرافية والاقتصادية في قطاع غزة نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي على مدار الفترة (1967-2005)، وبعد ذلك الحصار المستمر منذ صيف العام 2007 وحتى الآن، فوصلت معدلات البطالة إلى نحو 60% من قوة العمل، وكذلك انتشرت حالات الفقر المدقع بين ثلثي سكان القطاع.

لكن الدراسات تشير إلى أن الأوضاع أكثر مأساوية في المخيمات الثمانية هناك نظرا للكثافة السكانية العالية، وتعد معدلات وفيات الأطفال الرضع بالقطاع من أعلى المعدلات في العالم.

وتاريخ مدينة غزة كما كل فلسطين، تاريخ مجيد حفظته ووعته الأجيال المتلاحقة, وحافظت غزة على اسمها العربي حتى تاريخنا الحاضر، لتؤكد عروبتها رغم الاحتلالات التي مرت بالمدينة.
اكتسب موقع مدينة غزة الجغرافي أهمية خاصة, حيث إنه واقع على أبرز الطرق التجارية بالعالم القديم, تلك التي بدأت من حضرموت واليمن وانتهت في بلاد الهند، كما أن لغزة أهمية عسكرية كبيرة, نظرا لكونها صلة الوصل بين مصر والشام, وكان الاستيلاء على غزة يعني بداية السيطرة على طرق الحرب والتجارة بين آسيا وأفريقيا.

وكان لموقع غزة المتميز على حافة الأراضي الخصبة العذبة المياه التي تأتي مباشرة بعد برية سيناء الأثر في وجودها وبقائها وأهميتها، فهي المحطة الطبيعية لكل من الآتين من مصر العربية، ووجهتهم إلى بر الشام، كما أنها المحطة الأخيرة لكل قادم من الشام ووجهته مصر، فهي ملتقى القوافل قبل دخول البادية، فيها يستكملون ما يلزمهم قبل المرور بالصحراء أثناء طريقهم إلى مصر.

رحيل المحتلين
تعرضت مدينة غزة لغزوات عديدة عبر التاريخ, وقد كان الاحتلال التركي عصيبا نظرا للفترة الطويلة التي بقيت فيها الجيوش التركية في فلسطين ومدنها المختلفة ومن بينها مدينة غزة (1515-1916) حيث ساد الجهل والتخلف الاقتصادي والاجتماعي بين أهل مدينة غزة.

وعندما احتل الجيش البريطاني فلسطين في العام 1920 بدأت مرحلة أخرى بنمط احتلالي لكنه من نوع آخر, فقد فرض البريطانيون قوانين الطوارئ على أهالي المدن الفلسطينية ومن بينهم أهالي مدينة غزة, وتعد تلك القوانين أكثر عنصرية في التاريخ المعاصر.

ورغم الانسحاب الإسرائيلي وتفكيك المستوطنات الصهيونية من قطاع غزة في العام 2005 بعد احتلال مديد، فإن الجيش الإسرائيلي جعل منه سجنا كبيرا لأكثر من مليون وستمائة ألف فلسطيني باتوا عرضة لعملية تقتيل واغتيال وتدمير ومجازر يومية مبرمجة، تتكرر فصولها، وكان آخرها، استمرار العدوان على قطاع غزة منذ يوم الثلاثاء 7-7-2014.
"عندما احتل الجيش البريطاني فلسطين في العام 1920 بدأت مرحلة أخرى بنمط احتلالي لكنه من نوع آخر, فقد فرض البريطانيون قوانين الطوارئ على أهالي المدن الفلسطينية ومن بينهم أهالي غزة"
فقد بات سيد الموقف بين أهالي غزة الفقر والجوع والحرمان، فارتفعت معدلات الإعالة إلى أكثر من ستة أفراد، ووصلت البطالة إلى نحو 60% من إجمالي قوة العمل الفلسطينية هناك، وبالتالي أصبح أكثر من ثلثي المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة يرزحون تحت خط الفقر حسب تقارير دولية ومحلية في الوقت نفسه. وما زاد الوضع سوءا إغلاق معبر رفح الوحيد مع مصر بشكل محكم وكلي منذ الانقلاب على الشرعية في مصر.
وتشير الدراسات الجغرافية خاصة المتعلقة ببلادنا فلسطين للباحث الراحل مصطفى مراد الدباغ إلى أن مدينة غزة القديمة قد بنيت على تل يرتفع زهاء 45 مترا فوق سطح البحر، وأنشئت قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام بثلاثة آلاف عام.

وقد تطور عمران المدينة أسفل التل من نواحي الشمال، والشرق والجنوب، ولم يمتد باتجاه الغرب إلا أخيرا، فأصبح موضعها الطبوغرافي يتألف من:

1- الموضع القديم: ويشغله جزء من حي الدرج، وجزء من حي الزيتون.
2- مواضع التوسع في جهات الشرق والشمال والجنوب من التل: وتضم أحياء الشجاعية والتفاح،
وجزءا من حي الزيتون، وتتميز تلك المواضع بانبساط أرضها التي ترتفع حوالي (35) مترا عن سطح البحر، جنوبي شرق المدينة.

3- موضع الامتداد نحو الغرب : ويتألف من كثبان رملية غرست الأشجار في بعض أجزائها لصد زحف الرمال، وأصبح اليوم يعرف بغزة الجديدة أو حي الرمال.
وبشكل عام يوجد في غزة خمسة أحياء رئيسية هي: الدرج والزيتون والتفاح والشجاعية بقسميها الجديدة والتركماني، وقد امتدت غزة الجديدة على الرمال الممتدة من تل السكن على حدود المدينة القديمة إلى ساحل البحر المتوسط من الغرب.

وكانت مدينة غزة قاعدة اللواء الجنوبي في فلسطين إبان الاحتلال البريطاني 1920-1948, وأصبحت عاصمة قطاع غزة منذ النكبة الكبرى في 15 مايو/أيار 1948. أقام فيها الحاكم الإداري العام لقطاع غزة في الفترة بين العامين 1948و1967 وقد ضمت مختلف الدوائر الرسمية.
"في 5 يونيو/حزيران 1967 احتل الجيش الإسرائيلي قطاع غزة وأخضعه لحكم السلطات الإسرائيلية، بعد أن بقي القطاع تحت الإدارة المصرية منذ العام 1948 حتى التاريخ المذكور"
وفي 5 يونيو/حزيران 1967 احتل الجيش الإسرائيلي قطاع غزة وأخضعه لحكم السلطات الإسرائيلية، بعد أن بقي القطاع تحت الإدارة المصرية منذ عام 1948 وحتى التاريخ المذكور.
انتصار غزة المحتوم
لم تكن المجزرة المروعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي على مدار الساعة منذ فجر يوم الثلاثاء 7-7-2014 سوى محاولة يائسة لإخضاع أهل غزة وفرض سياسة الأمر الواقع عليها، وكل الدلائل تؤكد قدرة المجتمع وقوى المقاومة على الصمود وكسر إرادة العدو، حيث شارك أهل غزة في الكفاح الفلسطيني منذ انطلاقة الرصاصة الأولى في مستهل العام 1965.

كما ساهم الغزيون بشكل كبير في انتفاضة عام 1987، وانتفاضة الأقصى التي انطلقت في سبتمبر/أيلول 2000، وسقط الآلاف من أهل غزة خلال سنوات الانتفاضة بين شهيد وجريح وأسير، وتشير الدراسات المختلفة إلى أن قطاع غزة قدَّمَ أكثر من ألف شهيد خلال الانتفاضة الأولى وألفي شهيد خلال انتفاضة الأقصى، فضلا عن عشرين ألف جريح، بينهم آلاف من الحالات باتت في إعاقة دائمة وخارج النشاط الاقتصادي. والثابت أن أهل غزة كما تاريخها عصي على الانكسار وثابت في مواجهة الغزوات والاحتلالات.

ويبقى القول إن كل الدلائل تؤكد صلابة وصمود أهل غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، لكن لا بد من حواضن عربية وفلسطينية للاستمرار في الصمود وإفشال أهداف العدوان الإسرائيلي، خاصة ان إسرائيل تمتلك أعتى آلة عسكرية مدعومة من الغرب، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأميركية التي تمول إسرائيل ماليا وعسكريا في عدوانها الذي لم يتوقف البتة على الشعب الفلسطيني.


المصدر : الجزيرة,منظمة المجتمع العلمي العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق