حرب الناتو على «داعش»… والدور العربي المحتمل
أسفرت قمة حلف شمال الاطلسي (ناتو) التي اختتمت اعمالها في نيوبورت بمقاطعة ويلز البريطانية الجمعة عن اعلان قيام عشر دول بتشكيل «تحالف» لمحاربة تنظيم «داعش» في العراق.
وتضم المبادرة، التي تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا، ايضا المانيا وفرنسا وايطاليا والدنمارك وبولندا وتركيا وكندا اضافة الى استراليا غير العضو في الناتو.
كما وافق أعضاء «الناتو» على تشكيل «قوة تدخل سريع»، تضم عدة آلاف من الجنود، يمكن نشرها في غضون أيام قليلة، لمواجهة ما وصفتها بـ»تهديدات عالمية»، قد يكون من بينها تنظيم «داعش»، والتصدي للتهديدات الروسية في أوكرانيا.
وقال الأمين العام للحلف، أندريس فوغ راسموسن إن قوة التدخل السريع، التي سيكون غالبية قوامها من قوات المشاة، سيتم تعزيزها بوحدات خاصة من القوات الجوية والبحرية، وسيكون مقر قيادتها في شرق أوروبا.
وفيما يتعلق بتهديد تنظيم «داعش»، قال راسموسن إن الحلف أبدى استعداده لمساعدة الحكومة العراقية، في حالة إذا ما طلبت بغداد ذلك.
واستبعد الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند ان تشمل الحرب المرتقبة قوات داعش في سوريا، وهو ما يثير شكوكا واسعة حول امكانية نجاح الحلف في القضاء على التنظيم او اضعافه خاصة اذا اقتصر التدخل على الغارات الجوية.
الا ان ضم دولة مثل استراليا، وهي ليست عضوا في الناتو، الى التحالف المعادي لداعش، يشير الى احتمال الاستعانة بها لنشر قوات برية في العراق ان تطلب الأمر ذلك.
وبالطبع فان اي تحرك للناتو يبقى مرهونا بطلب رسمي من حكومة بغداد المفترض ان تكون واسعة التمثيل والمرضي عنها من كافة فئات الشعب العراقي، لتوفير غطاء من الشرعية المستندة الى القانون الدولي.
واشارت تلميحات امريكية متكررة الى ان دولا عربية ابدت استعدادا لارسال قوات رمزية لتوفير غطاء عربي واسلامي للحرب. وتمثل هذه التلميحات نوعا من الضغط على تلك الدول التي تخشى عواقب التورط في حرب مفتوحة ضد التنظيم.
وتكرست هذه الضغوط مع تصريحات رسمية في الولايات المتحدة واوروبا اشارت الى ان «داعش» هي في الاساس مشكلة وتهديد للعالم الاسلامي قبل غيره، ومن ثم يتوجب عليه ان يقوم بدور فاعل في مواجهته.
الا ان مشاركة عربية علنية في حرب قوامها حلف الناتو على تنظيم يسمي نفسه «الدولة الاسلامية» ليست امرا بسيطا كما قد يتصور البعض، خاصة اننا نتحدث عن «محيط عربي ملغوم» من الحواضن الثقافية والاجتماعية بل والتنظيمية لافكار «داعش».
وقد حذر البعض في الأردن بالفعل من ان «أي دور رسمي للأردن في حرب إقليمية، ليس من مصلحة البلاد، باعتبار انها حرب «لا ناقة ولا بعير لنا فيها»، وهو ما عزاه مراقبون الى وجود تيارعريض مؤيد لداعش بين اتباع السلفية الجهادية في البلاد.
اما بالنسبة الى مصر، فكان مصدر عسكري قال في اطار نفيه خبرا نشرته صحيفة «صانداي تايمز» الشهر الماضي حول وجود قوات مصرية وباكستانية على الحدود العراقية السعودية ان «ارسال اي قوات مصرية الى خارج البلاد غير ممكن الا وفق ضوابط وطنية محددة وفي اطار احترام القانون الدولي».
وهو تصريح لا يغلق الباب امام امكانية مشاركة قوات مصرية في مواجهة داعش اذا تلقت القاهرة طلبا رسميا من حكومة بغداد الجديدة بهذا الشأن، خاصة وان كان هذا الطلب مدعوما من حلفائها في الخليج.
إلا أن هذا لن يعفي الحكومة المصرية من ردود فعل انتقامية من تنظيمات «داعشية» محلية بدأت بالفعل حملة لقطع الرؤوس في سيناء.
ولايختلف الامر كثيرا بالنسبة الى دول الخليج، التي لن يقتصر دورها على التمويل، بل سيطلب منها اتاحة استخدام قواعد جوية وعسكرية في شن الغارات، وهو ما سيعده التنظيم مشاركة فاعلة في الحرب.
ولا يمكن استبعاد اشراك قوات رمزية من بعض دول المغرب العربي، كما حدث في حرب تحرير الكويت في العام 1991.
الا ان الواقع هو ان اغلب الدول العربية ستفضل ان تكون مشاركتها في اضيق الحدود، وبعيدا عن الاضواء، خشية تعرضها لهجمات انتقامية، خاصة بالنظر الى النتائج الكارثية التي اسفرت عنها حملة الناتو الجوية ضد ليبيا، اذ أودت بالآلاف من الابرياء، وفتحت الباب واسعا امام دخول الجماعات الارهابية من كل حدب وصوب.
انها حرب اخرى تلوح بوادرها في شرق أوسط لم يتوقف نزيفه اصلا منذ عقود.
فيا لها من حرب، ويا لها من عواقب محتملة سواء لخوضها او للتراجع عنها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق